ساعات قليلة وتنطلق المواجهة المرتقبة والفاصلة بين منتخبي مصر والجزائر (الشقيقين)، لحسم بطاقة التأهل عن المجموعة الثالثة ضمن التصفيات الأفريقية المؤهلة إلى كأس العالم القادمة التي تستضيفها جنوب أفريقيا منتصف العام القادم.
ولا شك أن المواجهة القادمة ستفرض نفسها بقوة على ساحة كرة القدم العالمية وليست العربية أو الأفريقية فقط، ليس لمجرد أنها مباراة قمة عربية مرتقبة سبقتها الكثير من الأحداث، والتداعيات المؤسفة التي كادت أن تؤثر بالسلب على علاقة الشعبين المصري والجزائري لولا تدخل الحكماء من الجانبين، ولكن لكونها مواجهة ستسجل في تاريخ التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم، فلأول مرة منذ أن اعتمد الاتحاد الدولي لكرة القدم نظام التأهل عن طريق دور المجموعات في القارات المختلفة تتساوى دولتان في كل شئ داخل المجموعة الواحدة ليضطر الفيفا إلى الاحتكام لمواجهة فاصلة، كما أنها المرة الأولى وربما تكون الوحيدة التي ستجرى فيها المواجهة الفاصلة من مباراة واحدة، وليست من مباراتي ذهاب وعودة، علماً بأن التعادل إذا استمر بين المنتخبين المصري والجزائري في موقعة إستاد نادي المريخ في أم درمان مساء غد الأربعاء، فسيتم لعب وقت إضافي على شوطين، وإذا استمر التعادل أيضاً فسيتم اللجوء إلى ركلات الترجيح لحسم البطاقة الخامسة والأخيرة المؤهلة إلى كأس العالم عن قارة أفريقيا.
يذكر أن البطاقات الأربع الأخرى عن قارة أفريقيا قد حُسمت بانتهاء الجولة السادسة الأخيرة من التصفيات، بتأهل الكاميرون عن المجموعة الأولى ونيجيريا عن الثانية، وغانا عن المجموعة الرابعة وكوت ديفوار عن الخامسة.
وقبل استعراض تفاصيل المباراة القادمة لا بد أولاً أن نتطرق إلى الحديث عن مشوار المنتخبين في التصفيات الحالية وكيف وصلا إلى تلك المرحلة الحاسمة والفاصلة.
وبداية يجب أن نوضح أن المصريين والجزائريين تساووا في كل شئ في المجموعة الثالثة؛ حيث لعب كلا المنتخبين ست مباريات وفاز في أربعة مباريات وتعادل في مباراة وخسر أخرى، وكلاهما أحرز تسعة أهداف ودخل مرماه أربعة، وأنهى المصريون والجزائريون مشوارهم في المجموعة بعد أن جمعوا 13 نقطة.
والمثير أن المنتخبين تشابها في أنهما فقدا نقطتين سهلتين تسببت في تعقد موقفيهما في التصفيات، فالجزائر تعادلت خارج ملعبها بدون أهداف مع رواندا الضعيفة والتي لم تجمع طوال التصفيات النهائية سوى نقطتين فقط، أما مصر فقد سقطت في فخ التعادل على ملعبها أمام زامبيا بهدف لهدف.
ولا شك أن لاعبي المنتخب الجزائري يشعرون أنهم كانوا الأقرب بكثير من المنتخب المصري لحجز تذكرة السفر إلى جنوب أفريقيا، ليس فقط لأن عماد متعب سجل الهدف الثاني للمصريين في الدقيقة الأخيرة من المباراة الماضية وهو الهدف الذي أجبر الجزائر على لعب مباراة فاصلة، بل لأن المنتخب الجزائري كان هو المتصدر منذ المرحلة الثانية للتصفيات وحتى المرحلة الأخيرة، فالمنتخب المصري عندما عاد من كأس القارات ليلعب مباراته المؤجلة مع رواندا كان في جعبته نقطة واحدة فقط بينما كانت الجزائر تتصدر ترتيب منتخبات المجموعة برصيد سبع نقاط، كما أن المصريين بدأوا مشوارهم بتعادل ثم هزيمة مدوية من الجزائر في البليدة (1-3)، وهو ما أعطى انطباعاً واضحاً أن بطاقة التأهل قد حسمت للمنتخب الجزائري.
اختلافات فنية
واللافت أن المنتخبين يختلفان بشكل كبير في النواحي الفنية وفي أسلوب حسم المباريات، فالمنتخب الجزائري يمتاز لاعبوه بالسرعة الشديدة وبالقدرة على شن الهجمات المرتدة الخاطفة، كما يجيد لاعبو الجزائر استغلال الكرات الثابتة بشكل يدعو إلى الإعجاب، واستطاع المنتخب الجزائري حسم جميع مبارياته الماضية عن طريق هذين الأسلوبين، ففي مباراة زامبيا والجزائر التي انتهت بفوز المنتخب الجزائري بهدفين دون رد وجاء الهدف الأول عن طريق ضربة ثابته على حدود منطقة الجزاء الزامبية ارتقى لها مجيد بوقرة وأحرز منها الهدف الأول أما الهدف الثاني فكان عن طريق رفيق صيفي من هجمة مرتدة سريعة. كذلك في لقاء الجزائر وزامبيا الذي أقيم في مدينة البليدة، تمكن المنتخب الجزائري من حسم المباراة بهدف نظيف جاء عن طريق هجمة مرتدة سريعة سجل منها رفيق صيفي هدف الإنقاذ للمنتخب الجزائري. ويعتمد المنتخب الجزائري بصورة عامة على المهارات الفردية للاعبيه وخاصة صانع ألعابه المتميز كريم زياني لاعب فولفسبورغ الألماني.
أما المنتخب المصري فيعتمد بشكل أساسي على جماعية الأداء وعلى شن الهجمات المنظمة وعلى الضغط المستمر على الخصم في معظم مساحات الملعب، ويعتمد المصريون بشكل أساسي على تعدد المحاور الهجومية الخاصة به سواء كانت من الناحية اليمنى عن طريق أحمد فتحي أو أحمد المحمدي أو عن طريق الجانب الأيسر الذي يشغله الظهير الأيسر سيد معوض أو عن طريق الاختراق من العمق استغلالاً لمهارات محمد أبو تريكه ومحمد زيدان وحسني عبد ربه أفضل لاعب في كأس الأمم الماضية والذي لم يلعب مباراة الجزائر في القاهرة ولكن مسؤولي المنتخب المصري أعلنوا جاهزيته لخوض مواجهة الحسم القادمة.
ولعل أكبر دليل على أن المنتخب المصري يصر دائماً على الاعتماد على الهجمات المنظمة أنه سجل هدفه الثاني في مباراة الجزائر الماضية في الدقيقة السادسة من الوقت بدل الضائع من هجمة منظمة بدأت من الجانب الأيمن عن طريق احمد عيد عبد الملك ثم انتقلت للظهير الأيسر معوض الذي أرسلها على رأس عماد متعب ليضعها الأخير بثقة وهدوء في المرمى.
وتكمن نقطة الضعف الأساسية في المنتخب المصري أن لاعبيه يفتقدون التركيز في بعض فترات المباريات التي يخوضونها، مما يكلفهم العديد من التمريرات الخاطئة. كما يعاني دفاع المنتخب المصري من التعامل مع الكرات الثابتة التي دائماً ما تشكل خطورة واضحة على مرمى الفراعنة. وفي المباراة الماضية سنحت للجزائريين أكثر من فرصة للتسجيل عن طريق هذه الكرات كان أخطرها مع نهاية الشوط الأول.
على الجانب الآخر فإن المنتخب الجزائري يعاني بشكل واضح من ضعف التمركز الدفاعي ويزداد ارتباك المدافعين الجزائريين كلما زاد الضغط عليهم والدليل على ذلك الهدف الأول للمصريين في موقعة السبت الماضي، والذي أحرزه عمرو زكي من متابعة لفرصة شهدت توغل أكثر من لاعب مصري داخل منطقة الجزاء دون أي رقابة أو ضغط من مدافعي المنتخب الجزائري.
وبشكل عام سيخوض المنتخب المصري المباراة القادمة بصفوف مكتملة بعد عودة حسني عبد ربه من الإصابة والمدافع وائل جمعة من الإيقاف، أما المنتخب الجزائري فيعاني من إيقاف اثنين من عناصره الأساسية وهما لاعب الوسط خالد لموشيه ولوناس جواوي حارس المرمى.
تعزيزات أمنية
وإزاء الأوضاع المتوترة بين مشجعي الفريقين ونظراً لحساسية اللقاء، عززت سلطات العاصمة السودانية الخرطوم الإجراءات الأمنية استعداداً للقاء المرتقب. وقال والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر "لقد وضعنا قواتنا الأمنية في أعلى درجات الاستعداد"، مشيرا إلى أن 15 ألف شرطي سيكونون على أهبة الاستعداد للتدخل في حال وقوع أية أحداث قبل أو أثناء أو بعد المباراة.
وأكد أن إستاد أم درمان الذي ستقام به المباراة يتسع لـ41 ألف متفرج، إلا أن السلطات ستسمح بحضور 35 ألف متفرج فقط لأسباب أمنية.
وأوضح أنه سيتم تخصيص تسعة آلاف مكان في الإستاد لمشجعي كل من البلدين أي 18 ألف مقعد في الإجمال.
وتابع الخضر: "ننتظر وصول 48 طائرة من الجزائر و18 طائرة من مصر"، في حين يصل نحو ألفا مشجع مصري بسياراتهم.
وتوقع المسؤول السوداني أن يكون هناك عجز في عدد غرف الفنادق في الخرطوم وهي مدينة غير معتادة على هذا النوع من اللقاءات الدولية. ولكنه قال إن المشجعين الذين سيصلون يوم المباراة نفسه سيقضون ليلتهم في مكانين مختلفين أحدهما مخصص للجزائريين والآخر للمصريين.
وبالعودة إلى المباراة فان المعادلة واضحة للفريقين، لأن الفوز سيؤهل صاحبه إلى النهائيات للمرة الثالثة في تاريخه علماً بان المنتخب المصري كان أول سفير للكرة العربية في النهائيات عندما شارك في نسخة كأس العالم عام 1934 في إيطاليا، ثم تأهل مرة ثانية عام 1990 في إيطاليا أيضا. أما المنتخب الجزائري فبلغ النهائيات للمرة الأولى عام 1982 في اسبانيا عندما حقق مفاجأة مدوية بفوزه على منتخب ألمانيا الغربية بطل أوروبا وقتها 2-1 في مباراة تاريخية. ثم شارك الأخضر الجزائري عام 1986 في المكسيك أيضاً، واللافت أن جميع المشاركات السابقة لكلا المنتخبين لم تتخط حدود الدور الأول من المونديال.